هناك تساؤلات مثارة في نفس الكثير من الرياضيين المصريين عامة والأهلاوية خاصة تتعلق بأسلوب لعب الفريق الأول لكرة القدم وهي شكل الأداء الحالي المعتمد على هجمات تسير على وتيرة واحدة عن طريق تمريرات يراها العض مبالغا فيها بحيث تمر الكرة بشكل متسلسل من المدافعين إلى لاعبي الوسط الذين يتبادلون الكرة أكثر من مرة ثم إلى لاعبي الجنب أو المهاجمين بشكل نمطي يمنع عنصر المفاجأة للخصم ويقلل من عدد الهجمات التي يمكن أن تهدد مرمى الخصم لأن كل هجمة تحتاج وقتا كبيرا لتصل لأقدام المهاجمين وربما لا تصل وإن وصلت تكون مقروءة لحد كبير من قبل المدافعين بسبب النمطية في الأداء برغم امتلاك الأهلي للاعبين يمكن فقط عن طريق الحلول الفردية من قبلهم إنهاء معظم المباريات لصالح الأهلي ، وقد زادت الانتقادات لهذا الفكر بعد مباراة الاهلي مع القطن الكاميروني الاخيرة التي فاز فيها الأهلي بثنائية نظيفة في اول ربع ساعة من المباراة ثم أحبطوا جماهيرهم التي انتظرت طوفانا أحمرا ومهرجانا للأهداف بعد ذلك.
في الحقيقة برغم قرب الرأي السابق للواقع وعدم قدرتي على معارضته من الناحية المجردة ولكن إذا وضعناه قي إطار واقعنا كمصريين ربما يتغير الرأي فهناك آفة عامة تسيطر علينا كمصريين وهي عدم القدرة على تطبيق التعليمات والقوانين حتى وإن التزمنا بها يكون الالتزام لحظي ، يزول مع أول ضغوطات تقابلنا في الحياة ، خير مثال على ذلك هو سلوكنا في تنفيذ أو عدم تنفيذ قوانين المرور ، ففي الساعات التي تمتاز بالانسياب المروري - رغم قلتها - نكون ملتزمين بدرجة معقولة ، على عكس اوقات الذروة تجدنا نكسر نفس القوانين من سير في الاتجاه المعاكس إلى كسر للإشارات المهم عندنا هو أن الغاية - الوصول في أسرع وقت - تبرر الوسيلة التي هي عدم تنفيذ القوانين ، ولكن هل جربنا يوما الاتزام بهذه القوانين في الأوقات الصعبة؟ لن أقول كلاما إنشائيا مثل أن الالتزام سيجعلنا نصل اسرع فأنا لا أضمن هذا في الوقت الحاضر، ولكن بالتأكيد ما اضمنه أنه سيكون أأمن للجميع وأعدل لمن التزم ، وأيضا سيكون أسرع في المستقبل عندما يكون الالتزام هو صفة الجميع ، الجانب الثاني في موقفنا من الالتزام هو قدرتنا العجيبة على الالتزام عند المراقبة الشديدة علينا والصرامة في تنفيذ العقوبات الجزائية لمخالفة القوانين وهو شيء كلنا نلمسه إذا رأينا سيارة تقترب من لجنة مرورية تعلم مكانها .
لو طبقنا المثال السابق على كرة القدم عندنا التي يلعبها لاعبون أغلبهم مصريين نحد أن جوزيه قد فهم العقلية المصرية تمام المعرفة لذا فإنه بفكره التدريبي العالي وشخصيته القوية يعمل على وضع الأهلي في بداية حقيقية لتطبيق نظام في لعب الكرة ، نعم هو يمكن ان يكون نظام بدائي بالنسبة للأندية العالمية التي تمتاز بالتنظيم العالي بجانب السرعة ، ولكن دائما تكون البدايات هكذا ومع الوقت سوف يتعود الجهاز العصبي للاعبين على طريقة اللعب المنظم وستصبح التمريرات والتحركات الإرادية التي تتطلب تركيزا شديدا من اللاعبين إلى فعل منعكس يتم على مستوى اللاوعي مما يخفف عنهم الضغط في تنفيذ التعليمات ويتيح لهم السرعة والإبداع في نقل الكرة مستقبلا .
طبعا بعيدا عن النظرة المستقلبية التي أتوقعها لفرق الاهلي في تطبيق ما أسسه جوزيه وهو ما يتطلب مدربا ذو شخصية قوية من نفس المدرسة ، نجد أن الأهلي قد استفاد في الوقت الحاضر من طريقة اللعب هذه وإن كانت لا تعجب البعض ، فهي تضمن نوعا من التوازن حتى في حالة غياب النجوم ، فجميعنا رأى الاهلي يلاعب اندية القمة المصرية والأندية الافريقية القوية في غياب العديد من النجوم دون تأثر المستوى بشكل كبير ، حتى وإن حدث انخفاض نسبي في الأداء فإن الكوارث في النتائج لم تحدث بالشكل الفج الذي يحدث مع الخصوم ، وحتى هذه النتائج جميعها حدثت في ظروف غير طبيعية ما بين إجهاد مستمر أو ظلم تحكيمي بين .
الفائدة الأخرى هو القدرة على المرور من مباريات الذهاب والعودة مع الاندية الأفريقية وهو ما جعل الأهلي شبيها بفريق الميلان الإيطالي عملاق أوربا وبطل كأس العالم للأندية الأخيرة في مباريات الذهاب والعودة في دوري الأبطال حيث يعمل على الحفاظ على الكرة بين أقدام لاعبيه بتكثيف لاعبي منتصف الملعب مع شن بعض الهجمات المرتدة التي ربما تخطف هدفا في المباريات خارج الأراضي او حتى الخروج بالتعادل السلبي في أسوأ الاحوال ، ثم السيطرة الكاملة على المباريات على ملعبه والحصول على نقاط المرور للأدوار التالية، في رأيي هذه الميزة لاتتوفر سوى في العملاقين الأفريقي والاوربي وهو ما يجعلهما في طليعة اندية قارتيهما في العصر الحديث.
أيضا طريقة الأداء هذه تعطي الثقة للناشئين ليصبحوا نجوما في المستقبل فالناشئ عندما يجد نفسه جزءا من منظومة متكاملة داخل الملعب وليس مطلوب منه سوى بعض المهارات الاساسية كالاستلام والتسليم التي يساعده عليها زملاؤه بحسن انتشارهم يأخذ ثقة المباريات سريعا وربما يصبح نجما في الفريق برغم ان مستواه الفردي لا يؤهله لذلك وهو ما يحدث الآن مع اللاعب حسام عاشور الذي نال ثقة جوزيه ليكون خليفة شوقي رغم الاختلاف النسبي بين البعض على أحقيته في هذه الثقة.
من السابق يتضح أن الذين لم يعجبهم أسلوب جوزيه في الفترة الأخيرة عليهم الصبر هذه الفترة فالنتائج كلها لصالحه وطريقة اللعب مرحلة انتقالية لابد منها بدلا من الفوضى التكتيكية التي تسيطر على ملاعبنا التي تعتمد على اللاعبين بدون تكتيك واضح باستثناء الأهلي وهو ما يجعل جميع اندية مصر وأفريقيا تنهار أمامه وهو ما نتمناه أن يحدث في مباراة العودة ضد القطن الكاميروني يوم الأحد القادم ليتوج الأهلي ببطولة غالية علينا جميعا بإذن الله.
موضوع: شرطي المرور ... مانويل جوزيه !! 
الخميس نوفمبر 13, 2008 6:10 am
