كلام مش في السياسة
غني عن القول أن الدورات الأوليمبية هي قمة النشاط الرياضي في الكون بأسره . حيث لا يدانيها نشاط رياضي أخر و لو كان كأس العالم لكرة القدم . فدورة الألعاب الأوليمبية هي ملتقي كل الدول و معظم اللعبات و أغلب النجوم . . . و بعد أن سمح للاعبين المحترفين بخوض غمار المنافسات الأوليمبية ازدادت أهمية التنافس الرياضي في هذا الحدث العظيم ، الذي يزيده أهمية ندرته حيث يقام مرة كل أربع سنوات . . .
و لقد تسارع مفهوم التنافس و الاستعراض في ربع القرن الأخير و تغير كثيرا مما أدي إلي اتساع نطاق هذه الدورات من مجرد كونها نشاطا رياضيا إلي انطلاقها بوصفها مهرجانا شاملا يتضمن ملابس و ديكور ، أغاني و رقصات ،
إضاءة ، حشود و جماعات ، صحافة و تلفزيون ، سياحة و تسويق ، طب و أطباء . .
مهرجانا يتضمن قبل هذا كله إقامة بنية تحتية هائلة و تحديث الموجود . ملاعب و استادات . . شوارع و مواصلات . فنادق و منتجعات . . مطارات و موانئ . .
و بالتالي خرج عبء تنظيم الدورة من المسئولية المحدودة للهيئات الرياضية إلي التزام الدولة ككل . . حيث أضحت أجهزة الدولة كلها معنية بالنشاط الأوليمبي . .
و من هنا نري الجيش يشارك الشرطة و المرافق المختلفة تتدخل لتوفير التسهيلات اللازمة . بل لم تقف آثار هذا الحدث عند عالم الكبار بل امتدت لتشمل عالم الأطفال و التلاميذ الذين تلقوا حصصا إضافية و عقدت لهم ندوات و لقاءات من أجل أن يخرج هذا الحدث الكبير في أبهي صورة ممكنة . . .
كنا نقرأ عن اجتماعات عمدة مدينة سدني برئيس الوزراء الأسترالي مثلما طالعنا أخبار اهتمام الحزب الشيوعي الصيني بدقائق الأشياء قبل عظيمها فيما يخص الدورة التي نحن بصددها الآن . أما كوريا الجنوبية فقد اعتبرت الإعلان عن الدورة هو إعلان عن انطلاق الدولة الكورية كلها لسماء عصر جديد . .
من هنا بات العالم كله و ليس الرياضي فقط يحبس أنفاسه انتظارا لهذا الحلم الذي يجيء مرة كل أربع سنوات . . أيام قليلة جميلة عامرة بكل أنواع التنافس و المنافسات . أيام قليلة فيها الموسيقي و الغناء و المصارعة و الملاكمة و الرقص . أيام قليلة تختلط فيها الدمعة بالبسمة و البكاء بالضحك . أيام قليلة تضرب فيها كل الأرقام القياسية و غير القياسية . ثم تغادر كالحلم الجميل . تاركة ذكري و انتظار و ترقب ما سيكون بعد أربع سنوات قادمة ، فهل تجيء ثانية ؟
في وسط هذا كله ، و بينما العالم كله يأخذ إجازة و يتفرغ للأولمبياد يطالعنا العبقري المصري بأخبار الدوري الكروي المبجلة . و بالطبع لن يعلو صوت فوق صوت الدوري المصري .
أية مصادفة هائلة تحدث علي أرض المحروسة ؟ في نفس اليوم و في نفس التوقيت تقريبا ينطلق الحدثان معا في وجه العالم . الدوري المصري العظيم و بطولة اسمها الألعاب الأولمبية هل تعرفونها ؟
الدوري المصري بات معروفا للجميع موعده قبل أربع سنوات بينما انتظر مسئولو الدورة الأولمبية حتى تنطلق دورتهم في أهاب الدوري المصري ضمانا للتالي : عدم انكشاف تهالك البنية التحتية و عدم ملائمتها للحدث الكبير إذ تتوه في مشاكل هاني سعيد . . . القصور الواضح في نقل الدورة الأولمبية تلفزيونيا لكل أنحاء العالم إذ يكفيهم أن الدوري المصري غير مشفر
و أخيرا و ليس آخرا المداراة علي خيبة الدول التي خرجت خالية الوفاض من الدورة إذ تتوه و تهون كل المشاكل وسط نزال الجبابرة في الدوري المحسن قصدي الممتاز .
و بهذا كله و بما خفي من أمر يتضح الدور الكبير الذي يقوم به اتحاد الكرة المصري من أجل الستر علي حكومة الصين . .